الفاشر لعنة التصورات وتراكم الخيبات
ادي ضعف وقصور التصورات السياسية المستمر منذ ان كون الرئيس السابق عمر البشير قوات موازية للقوات المسلحة بصلاحيات وإمكانيات وقدرات كبيرة لحماية عرشه ونحا الذين أتوا من بعده ذات النحو المفخخ بالمساومات والصفقات السرية والعلنية فلم يهتدوا الي مقاربة او تصور يعيد للدولة هيبتها لتمارس مهمتها الأكبر والاقدس في احتكار العنف والسلاح دون اكتراس او توخي المحاذير من مغبة امتداد آثار هذا السلوك السالب الي عدم المحافظة علي وحدة ترابها وشعبها .
و استمرت التكتيكات الفطيرة التي ورطت الفاعلين في الايغال اكثر في توظيف تلك القوات وغيرها من المليشيات في لعبة التوازنات لتتفرعن وتتعملق كلما استشعرت ضعف وتكالب الجميع فتستثمر ذات الكروت بقدر كبير من المكر متما اختبرت خواء الشعارات وانحسرت المباديء أمام مد الرغبات الانتهازية الأنانية العارمة التي تجرف اسس وقواعد اللعبة .
واتسعت دائرة الفراغ المملوء بالادعاءات والاكاذيب الملفقة بنسج روايات وسرديات سياسية من وحي غرف الدعايات الإعلامية دون اعتبار لواقع وتاريخ وموراثات الشعب السوداني لتستفز حتي ذاكرة المكان وتعصف بالاعراف المؤسسية علي صعيد مؤسستي الدولة والمجتمع فتعجزان عن الرؤية مع انسداد الافق واسوداده بسحب الضغينة وعواصف الانتقام التي اججت سخايم النفوس حتي بلغت مداها الاقصي منذ تفجر هذا الصراع الدامي بتداعياته القاسية والمؤلمة علي الشعب السوداني في كل مكان وانعكست اثاره الماحقة علي كل نواحي الحياة مع تنامي مظاهر ومؤشرات تفكك الدولة وارتخاء قبضتها في السيطرة علي المجتمع والاقتصاد .
ونتج هذا الضعف من عوامل وخصائص ذاتية و موضوعية في بنيتي الدولة والمجتمع التي لايمكن حصرها او تشخيصها في هذا المقال لأنها ستملا مجلدات كحصاد وفير لخيبات مسيرة شعب وسير رجال في الدول الأفريقية والسودان من ضمنها بل أصبح علي رأسها في قوايم الفشل فما انفكت تدفع الشعوب اثمانا باهظة وتبخرت احلام الشباب الذين فاضت أرواحهم في ضباب وظلام المحيطات ودخان المعارك .
وتفشي الاحباط وفقدان الثقة في دول تحولت الي مسارح عبثية تتقاطع فيها الاجندات والاطماع وأصبح جل الفاعلين أدوات ليست لديهم برامج جادة لتامين مستقبل الشعوب رغم توفر الموارد .وخلفت هذه الأجواء حالة عدمية مع رواج وانتشار المعادلات الصفرية وهيمنة التصورات الدنكشوتية علي أفق التفكير السياسي المستغرق في التكتيكات المرحلية قصيرة الاجال.
وماحدث بالفاشر يعبر بجلاء عن الوجه الأكثر قبحا في تلك التصورات ويكشف اعراض المرض الذي ينهش جسد تلك الدول والمجتمعات ويفضح وعي الفاعلين السياسين العاجزين عن استيعاب الأبعاد الاستراتيجية والمخاطر المستقبلية كلما استمر هذا النهج البايس .
ولن تكون الفاشر هي النموذج الماسوي الوحيد او الاخير طالما ظل الجميع يهربون من تحمل المسؤلية ويغضون الطرف عن تطورات وافرازات ألازمات المتلاحقة ومحاولة اختزال تمرحلاتها الاخذة في الانحدار بالمجتمع والاقتصاد الي التلاشي فالي متي تستمر هذه النكسة الاخلاقية بلا يقظة ضمير او شجاعة علي مواجهة النفس بنقد ذاتي يصوب اتجاهات رسم مستقبل افضل للشعب السوداني فماساة الفاشر ليست سقوط جغرافية بل تاريخ ومستقبل.
الفاشر لعنة التصورات وتراكم الخيبات!
مقالات ذات صلة
