صراع القوي الاجتماعية في السودان ( حميدتي عقلية المهاجري 2–2) فتحي حسن عثمان في الجزء الأول تحدثنا عن أنماط التفكير التي هي ليست اختيارا إنما تنتج من البيئة الاجتماعية وطرق كسب العيش وطرائق الحياة وكيفية النظر الى الآخر المختلف وحصاد تلكم الفرضية يتلخص فى نمط التفكير نحن وهم وهو نمط تفكير المجموعات القبلية والعشائرية المغلقة والمنعزلة والانغلاق هنا بمنظور ثقافيا والانعزال هنا ناتج من حياة الترحال والعيش في الصحراء وبيئتها الجافة والقاحلة حميدتي نموزج جيد جدا لتطبيق تلكم الفرضيات، على الرغم من الترقي السريع والنقلة الكبيرة التي حدثت في حياته الشخصية واسرته الصغيرة فظلك عقلية المهاجري وهى العقلية التي كما اسلفنا تظل فى حوجة مستمرة لشخص أعلى ليقدم النصح والمشورة ويصدر الأوامر الواجبة التنفيذ والي استخدام ادوات التأديب والعقاب اذا لزم الأمر لذلك لا يستغرب المرء من بحث الرجل عن المستشارين واعدادهم الكبيرة والمهولة ومع ذلك لا يلتزم بما يقوله هؤلاء المستشارين بسبب المركون فى عقله الباطن( نحن وهم) الأمر الذي يفسر كيفية بناء الهيكل الاداري للمليشيا ذات نفسها فهي تتكون من ثمانية دوائر يقود هذه الدوائر أفراد من اسرته وهو قائد المليشيا وشقيقه هو القائد الثاني هذه هي عقلية التفكير الدائري المغلق لا ثقة الا في أفراد الأسرة علي الرغم من ضعف قدراتهم الإدارية والقيادية فالنجاحات المالية الكبيرة التي حققتها تمت بقوة السلاح وبوضع اليد علي مناطق التعدين الاهلي في جبل عامر وسينقو فى جنوب دارفور مع حدود دولة جنوب السودان. الي جانب التجاوزات الكبيرة في قضايا تهريب الذهب واحتكار تصدير الذهب بصفقات يعلم عنها لاحقا دون عمل مناقصة شفافة والعلاقات التي نتجت عن قتال أفراد المليشيا بالمقابل المالي في الخليج العربي وحرب اليمن. الأمر الذي يفسر الكيفية السهلة التي وقع فيها حميدتي ضحية وأصبح أداة في أيدي دول اقليمية واعترافه بنفسه ان السفارات تسيرهم دون اختصار مخل بطبيعة ديناميكيات الصراعات والنزاعات في السودان ومحاولة البعض تصوير الصراع الذي ولغ فيه حميدتي بأنه صراع يمثل هو فيه قوي الهامش ضد دولة الجلابة والشريط النيلي ودولة 56 هذه الشعارات التي دلقها بعض الناشطين الذين تحلقوا حول حميدتي ليحملهم الي كرسي السلطة مستفيدين من بندقية الدعم الصريع هذه الشعارات الهتافية يكذبها وجود حميدتي ذات نفسه في مسرح الأحداث فهو صناعة ذات القوي الاجتماعية وهو ظل يقاتل بالوكالة منذ تكوين قواته وحتى عند سقوط نظام الإنقاذ أول ما قام به هو لقاء قيادات الاسلاميين ولكنهم رفضوا التعاون معه بل نصحوه وهو متناقض حد الدهشة ففي الوقت الذي يصعد علي المنابر محملا الاسلاميين كل عثرات الفترة الانتقالية ففي نفس الوقت يستوعب قيادات الاسلاميين من أبناء دارفور وكردفان بدافع الانتماء الي القبيلة والاهل ابتداء من حسبو محمد عبد الرحمن وانتهاء بالباشا طبيق المعتمد الإنقاذي السابق لا حجة تقف على ساقين لحميدتي فهو نموزج لعقلية التفكير الدائري المغلق والتي مصيرها هو الاصطدام مع الآخر المختلف وعلي الرغم من الكلفة الكبيرة التي دفعها أهل السودان نتيجة لتمرده ومحاولته الاستيلاء علي السلطة بالقوة العسكرية صبيحة الخامس عشر من ابريل الا أن هذه الكلفة افضل بكثير من استيلاء قواته علي السلطة والثروة في السودان والا تمزق السودان وتشظي ونهبت ثرواته بواسطة الكفيل الذي يخدم تحته حميدتي ويزود قواته بالسلاح والمال ويوفر الرعاية السياسية والاعلامية للمليشيا وداعميها. صراع القوي الاجتماعية في السودان سيحسم هذه المرة عبر الوسائل المدنية وعبر الحوار السوداني السوداني الذي لا يهيمن عليه أحد ولا يستقصي منه أحد يؤسس توافق لإدارة ماتبقى من الفترة الانتقالية ومعالجة آثار الحرب واعادة إعمار السودان وفق رؤية جديدة تمثل أغلبية مايتم التوافق عليه.لتختفي مفردات التهميش والتبضع فى الأزمات وتختفي والي الأبد مظاهر تعدد الجيوش والمليشيات وتدمج في جيش واحد يحرس حدود السودان ويردع كل من يحاول النيل من وحدة السودان وسلامة أراضيه وتلبية تطلعات أهل السودان في العيش بأمان واختيار طبيعة الحكم التي تناسبهم وإجراء انتخابات حرة ونزيهة يختار فيها أهل السودان من يحكمهم .
كتب :فتحي حسن عثمان صراع القوي الاجتماعية في السودان حميدتي عقلية المهاجري (٢_٢)
مقالات ذات صلة