فور انتشار تسريبات حول التشكيل الوزاري علي موقع الجزيرة نت حتي ثارت موجة عاتية من ردود الأفعال واللغط ما بين مؤيد ومشكك ورافض مما أعاد الي الأذهان الجدل القديم حول محاولات تعريف السياسية كعلم أو ممارسة فيذهب البعض الي التعريف الأكثر شيوعا الذي يقول انها فن الممكن والبعض الآخر الي التعريف الاكثر دقة بنظري الذي عرفها بأنها فن تهذيب الاطماع. في ظل الصراعات المحلية والإقليمية والدولية المكشوفة التي أصبحت العامل الأساسي المحرك للعملية السياسية أكثر من غيره من العوامل الاخري .و لان طبيعة ممارستها تخضعها لشكل من أشكال السرية والتكتم والتحركات الخفية هنالك جوانب تتعلق بالفاعل السياسي نفسه كدنمو محرك للعملية لذلك انتشرت توصيفات كتلك التي قالها السياسي البريطاني الأشهر ونستون تشرشل الذي أقر بارتباط الممارسة عضويا بقدر كبير من النفاق الذي تفضحه لحظة انزال الشعارات وتطبيقها مهما كانت درجة بريقها ولمعانها إذ غالبا ما يتخازل رافعوها في منعطفات تقسيم كيكة السلطة ويبدو ذلك مبررا إذا تم في سياق طبيعي لانه قد يعبر عن ما جبلت عليه النفس البشرية ولكنه غير مبرر في حال لا يوجد ما يستوجب ذلك من مغانم ومكاسب كوضعنا الحالي .
ويتفاوت الاحساس بالمسؤولية الوطنية بين الشعوب بناء علي التربية الوطنية التي يجب ان تتولاها افتراضيا الاحزاب في مراحل متقدمة من النضج العاطفي والعقلي اللذان يستحق بموجبهما الكادر وصف رجل الدولة الذي يعني امتلاكه قدرة علي التمييز الموضوعي بين الخاص والعام . و تحديد السقوفات الأخلاقية والوطنية التي تلجم الرغبات كامر ضروري يؤكد مدي التشبع بالشجاعة الاخلاقية
التي اورد مؤلف كتاب الاخلاق السودانية افتقارنا لها حسب نتائج البحث الدقيق الذي بذل فيه الخواجة جهدا كبيرا مع طلاب جامعة الخرطوم في عقود خلت حتي أصبح مرجعا لكل زائر للسودان من بلاد الفرنجة وهذا شيء مؤسف جدا .
وطالما أن الأقدار وضعتنا أمام اختبار صعب يجب الإذعان للحقائق الواقعية بدون مغالاة حتي يسهل العبور الي مرحلة التصالح مع الذات الذي يؤكد القدرة علي الاتزان الداخلي و مقاومة الشجون الصغري ورغبات النفس ومن هنا تاتي أهمية تهذيب النفس في إرساء دعائم ممارسة سياسية سليمة بالتراضي الذي يعتبر مرحلة من مراحل الوفاق الوطني وتوحيد الجبهة الداخلية كضرورة ملحة في حالة مشابهة لحالتنا تفرض التكاتف والتلاحم لإعادة الإعمار والبناء كشرط بقاء وتأكيد وجود وليس بمقدورنا الظفر باكثر من ذلك .
التشكيل الوزاري بين الاقناع وتهذيب الاطماع!!!
مقالات ذات صلة