33.8 C
Port Sudan
الخميس, يونيو 19, 2025
الرئيسيةمقالات وأراءكتب :فتحي حسن عثمان-صراع القوي الاجتماعية في السودان حميدتي عقلية المهاجري(١_٢)

كتب :فتحي حسن عثمان-صراع القوي الاجتماعية في السودان حميدتي عقلية المهاجري(١_٢)

المهاجري هو الطفل الذي يدفع به الي الخلاوي لحفظ القرآن الكريم في دارفور وتسمية مهاجر لهجرته لطلب العلم والنسب مهاجري بعامية دارفور فالذي يرد من تشبيه ليس استخفاف ولا تحقير بعقلية ذلك الطفل وإنما نمط الحياة وكيفية الحصول على الطعام بعرض( الشرافه) وهي مايكتب في اللوح من سور القرآن الكريم بغرض دعم المهاجري بالطعام في مجتمع تقل فيه فكره تداول النقود في الماضي وبجانب اللوح يحمل المهاجري كأس [القرع ] يدلق له فيه اللبن والروب والماء ويوضع فيه الطعام. انماط التفكير ليس اختيارا فهي الغالب تؤخذ من نمط العيش وطرائق الحياة التي تعيشها المجتمعات المغلقة والمنعزلة التي لها تراثها الخاص وتصوراتها عن الآخر المختلف فمجتمعات الرعاة في إقليم دارفور وبالتحديد جماعة الابالة موضوع حديثنا نمط تفكيرها راسى هرمي أي أنا القرار فيها يتخذ شكل الهرم فهي عبر تراتيبية القيادة من لدن الشيوخ والعمد ثم الناظر وهو اعلي قيادة أي كبيرهم هذا النمط الراسي يتشابه مع أنماط ذات المجتمعات العشائرية في الخليج العربي نجحت ضمن عوامل أخري فى المساهمة في نهضة بلدانها لأسباب عديدة أبرزها ان هذه المجموعات الاجتماعية تفتقر الي التباين والتعدد الاثني والثقافي حيث تسود المجموعات العشائرية المتجانسة في مناطقها وكل عشيرة تدير رقعة جغرافية محددة نمط القرار الراسي او الهرمي يتخذ القرار زعيم العشيرة او المشيخة هذا النمط يقابله نمط تفكير وإدارة مختلف فى المناطق الحضرية فالقرار أفقي وهو أشبه بطريقة إصدار القرارات في البرلمان الحديث وتطور الأمر الي ان وصلت الي شكل الإدارة في الدولة الحديثة ودخل عليها أهم المبادئ وهو مبدأ فصل السلطات ومبدا تفويض السلطات تطور شكل الإدارة في الدولة الحديثة الا أن السودان كواحد من الدول النامية خليط عجيب ومزيج من أنماط إدارية أهلية وحديثة وعشائرية مغلقة كما نري الآن في حديث الدكتور السنوسي بدر الاختصاصي والاكاديمي المقيم في المملكة المتحدة بريطانيا كتب عن عقلية التفكير الدائري المغلق
: عقلية cul-de-sac” تعود جذورها الي نمط التفكير المستمد من طريقة العيش والثقافة المحلية حيث يطور الأشخاص الذين يعيشون في مجتمعات مقفولة ومتماسكة برابطة العصبية او القبيلة نمطاً مجتمعياً في التفكير او العقل الجمعي يتمثل في الاحساس القوي تجاه الاخر “نحن او هم”، وبذلك غالبا ما يعطي الأولوية لمصالح “نحن” والانتقال الجمعي مقابل الاخر متخطياً المخاوف المجتمعية الأوسع.
هذا النوع رأيناه في في فكرة “عرقنة” وعسكرة القبيلة مما ادي إلى عزلة محتملة ومقاومة للأفكار أو وجهات النظر الخارجية. نشأ حميدتي في ظل هذه البيئة المغلقة والمنعزلة فهو مثل ذاك المهاجري يحتاج دوما الي من هو أعلي منه ليتم تلقينه وتحفيظه وتاديبه عند جنوحه وثمة مقاربة أخرى وهي الشكوى والتبرم المركون في عقلية المهاجري وحوجته المستمرة للآخر سندا وعضدا وفوق هذا وذاك أنه يحتاج إلى مقابل في اي عمل يعمله فالشاهد ان الفقيه او ام بتاري يسال أولا عن (البياض) وهو مكافأة مالية تمنح للفكي نظير قيامة برقية او تلاوة خاشعة او عمله لتعويذات من السحر او العين او كتابة تميمة من التمائم فتطابق الأمر فى طريقة نمط وتفكير حميدتي ليس مصادفة فهو إبن تلكم البيئة الاجتماعية المغلقة والمنعزلة بخيرها القليل وشرها الكثير فالاقدار وحدها قادت الرجل لأن يصبح في دائرة الضوء. فالرجل من( قلاجي ) متواضع الي رجل يتلاعب بملايين الدولارات ومن شخص مغمور لا يأبه بحضوره او غيابه أحد الي شخص يهتم الإعلام بكل خطواته ومن شخص موغل فى الحديث بالعامية وتحديدا عامية الابالة الموغلة فى البداوة الي رجل يتحدث عن (الديمغراتية) والهجرة الغير شرعية واسماء دول لا يستطيع تحديد موقعها علي الخريطة. لم يكن مستوعبا لهذه النقلات السريعة والكبيرة في حياته ولم يكن يحسب لها حساب فبدا غريبا ومهرجا فلم يتمكن من الامساك ببداوته والمحافظة عليها ولم يتمكن من اللحاق والامساك بمطلوبات حياته الجديدة وبروتوكولاتها وبريستيجها. ونواصل.

مقالات ذات صلة

الأكثر قراءة